فصل: فصل‏:‏ لو كان أربع نسوة‏,‏ فطلق إحداهن غير معينة ثم نكح خامسة بعد انقضاء عدتها ثم مات ولم يبين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل في الطلاق‏:‏

إذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك رجعتها في عدتها لم يسقط التوارث بينهما ما دامت في العدة‏,‏ سواء كان في المرض أو الصحة بغير خلاف نعلمه وروى ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان‏,‏ وعلى وابن مسعود رضي الله عنهم وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ويملك إمساكها بالرجعة بغير رضاها ولا ولى ولا شهود ولا صداق جديد‏,‏ وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا أو رجعيا فبانت بانقضاء عدتها لم يتوارثا إجماعا وإن كان الطلاق في المرض المخوف‏,‏ ثم مات من مرضه ذلك في عدتها ورثته ولم يرثها إن ماتت يروى هذا عن عمر وعثمان رضي الله عنهما وبه قال عروة‏,‏ وشريح والحسن والشعبي‏,‏ والنخعي والثوري وأبو حنيفة في أهل العراق‏,‏ ومالك في أهل المدينة وابن أبي ليلى وهو قول الشافعي رضي الله عنه في القديم وروى عن عتبة بن عبد الله بن الزبير‏:‏ لا ترث مبتوتة وروى ذلك عن على وعبد الرحمن بن عوف وهو قول الشافعي الجديد لأنها بائن‏,‏ فلا ترث كالبائن في الصحة أو كما لو كان الطلاق باختيارها‏,‏ ولأن أسباب الميراث محصورة في رحم ونكاح وولاء وليس لها شيء من هذه الأسباب ولنا أن عثمان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف‏,‏ وكان طلقها في مرضه فبتها واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا ولم يثبت عن على ولا عبد الرحمن خلاف في هذا بل قد روى عروة عن عثمان أنه قال لعبد الرحمن‏:‏ لئن مت لأورثنها منك قال‏:‏ قد علمت ذلك وما روى عن ابن الزبير إن صح‏,‏ فهو مسبوق بالإجماع ولأن هذا قصد قصدا فاسدا في الميراث فعورض بنقيض قصده كالقاتل القاصد استعجال الميراث يعاقب بحرمانه إذا ثبت هذا‏,‏ فالمشهور عن أحمد أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج قال أبو بكر‏:‏ لا يختلف قول أبي عبد الله في المدخول بها إذا طلقها المريض أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج روى ذلك عن الحسن وهو قول البتي‏,‏ وحميد وابن أبي ليلى وبعض البصريين‏,‏ وأصحاب الحسن ومالك في أهل المدينة وذكر عن أبي بن كعب لما روى أبو سلمة بن عبد الرحمن‏,‏ أن أباه طلق أمه وهو مريض فمات فورثته بعد انقضاء العدة ولأن سبب توريثها فراره من ميراثها‏,‏ وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة وروى عن أحمد ما يدل على أنها لا ترث بعد العدة فإنه قال في رواية الأثرم‏:‏ يلزم من قال‏:‏ له أن يتزوج أربعا قبل انقضاء عدة مطلقاته أنه لو طلق أربع نسوة في مرضه ثم تزوج أربعا‏,‏ ثم مات من مرضه ذلك أن الثماني يرثنه كلهن فيكون مسلما يرثه ثمان نسوة وهذا القول يلزم منه توريث ثمان‏,‏ وتوريثها بعد العدة يلزم منه ذلك ولأنه قال في المطلقة قبل الدخول‏:‏ لا ترث لأنها لا عدة لها وهذه كذلك فلا ترث وهذا قول عروة وأبي حنيفة وأصحابه‏,‏ وقول الشافعي القديم لأنها تباح لزوج آخر فلم ترثه كما لو كان في الصحة‏,‏ ولأن توريثها بعد العدة يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة فلم يجز ذلك كما لو تزوجت‏,‏ وإن تزوجت المبتوتة لم ترثه سواء كانت في الزوجية أو بانت من الزوج الثاني هذا قول أكثر أهل العلم وقال مالك في أهل المدينة‏:‏ ترثه لما ذكرنا للرواية الأولى ولأنها شخص يرث مع انتفاء الزوجية‏,‏ فورث معها كسائر الوارثين ولنا أن هذه وارثة من زوج‏,‏ فلا ترث زوجا سواه كسائر الزوجات ولأن التوارث من حكم النكاح‏,‏ فلا يجوز اجتماعه مع نكاح آخر كالعدة ولأنها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الأول لها‏,‏ فأشبه ما لو كان فسخ النكاح من قبلها

فصل‏:‏

ولو صح من مرضه ذلك ثم مات بعده لم ترثه‏,‏ في قول الجمهور وروى عن النخعي والشعبي والثوري وزفر أنها ترثه لأنه طلاق مرض قصد به الفرار من الميراث فلم يمنعه‏,‏ كما لو لم يصح ولنا أن هذه بائن بطلاق في غير مرض الموت فلم ترثه‏,‏ كالمطلقة في الصحة ولأن حكم هذا المرض حكم الصحة في العطايا والإعتاق والإقرار فكذلك في الطلاق وما ذكروه يبطل بما إذا قصد الفرار بالطلاق في صحته‏.‏

فصل‏:‏

ولو طلق امرأته ثلاثا في مرضه قبل الدخول بها‏,‏ فقال أبو بكر‏:‏ فيها أربع روايات إحداهن لها الصداق كاملا والميراث وعليها العدة اختارها أبو بكر وهو قول الحسن‏,‏ وعطاء وأبي عبيد لأن الميراث ثبت للمدخول بها لفراره منه وهذا فار‏,‏ وإذا ثبت الميراث ثبت وجوب العدة وتكميل الصداق وينبغي أن تكون العدة عدة الوفاة لأنا جعلناها في حكم من توفي عنها وهي زوجة‏,‏ ولأن الطلاق لا يوجب عدة على غير مدخول بها الثانية لها الميراث والصداق ولا عدة عليها وهو قول عطاء لأن العدة حق عليها‏,‏ فلا يجب بفراره والثالثة لها الميراث ونصف الصداق وعليها العدة وهذا قول مالك‏,‏ في رواية أبي عبيد عنه لأن من ترث يجب أن تعتد ولا يكمل الصداق لأن الله تعالى نص على تنصيفه بالطلاق قبل المسيس ولا تجوز مخالفته والرابعة‏,‏ لا ميراث لها ولا عدة عليها ولها نصف الصداق وهو قول جابر بن زيد‏,‏ والنخعي وأبي حنيفة والشافعي‏,‏ وأكثر أهل العلم قال أحمد‏:‏ قال جابر بن زيد‏:‏ لا ميراث لها ولا عدة عليها وقال الحسن‏:‏ ترث قال أحمد‏:‏ أذهب إلى قول جابر وذلك لأن الله تعالى نص على تنصيف الصداق ونفي العدة عن المطلقة قبل الدخول بقوله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ‏)‏‏)‏ وقال تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ‏)‏‏)‏ ولا يجوز مخالفة نص الكتاب بالرأي والتحكم وأما الميراث‏,‏ فإنها ليست بزوجة ولا معتدة من نكاح فأشبهت المطلقة في الصحة والله أعلم ولو خلا بها وقال‏:‏ لما أطأها وصدقته‏,‏ فلها الميراث وعليها العدة للوفاة ويكمل لها الصداق لأن الخلوة تكفي في ثبوت هذه الأحكام وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه‏.‏

فصل‏:‏

ولو طلق المدخول بها طلاقا رجعيا ثم مرض في عدتها‏,‏ ومات بعد انقضائها لم ترثه لأنه طلاق صحة وإن طلقها واحدة في صحته وأبانها في مرضه‏,‏ ثم مات بعد انقضاء عدتها فحكمها حكم ما لو ابتدأ طلاقها في مرضه لأنه فر من ميراثها وإن طلقها واحدة في صحته وأخرى في مرضه‏,‏ ولم يبنها حتى بانت بانقضاء عدتها لم ترث لأن طلاق المرض لم يقطع ميراثها ولم يؤثر في بينونتها‏.‏

فصل‏:‏

وإن طلقها ثلاثا في مرضه‏,‏ فارتدت ثم أسلمت ثم مات في عدتها ففيه وجهان أحدهما‏,‏ ترثه وهو قول مالك لأنها مطلقة في المرض أشبه ما لو لم ترتد والثاني لا ترثه وهو قول أبي حنيفة‏,‏ والشافعي لأنها فعلت ما ينافي النكاح أشبه ما لو تزوجت ولو كان هو المرتد ثم أسلم ومات‏,‏ ورثته وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وقال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ لا ترثه ولنا أنها مطلقة في المرض‏,‏ لم تفعل ما ينافي نكاحها مات زوجها في عدتها فأشبه ما لو لم ترتد ولو ارتد أحد الزوجين بعد الدخول من غير طلاق‏,‏ ثم عاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدة ورثه الآخر لأن النكاح باق فإن انقضت العدة قبل رجوعه انفسخ النكاح‏,‏ ولم يرث أحدهما الآخر وإن قلنا‏:‏ إن الفرقة تتعجل عند اختلاف الدين لم يرث أحدهما الآخر ويتخرج أن يرثه الآخر إذا كان ذلك في مرض موته لأنه تحصل به البينونة فأشبه الطلاق وهو قول مالك قال أبو حنيفة وأصحابه‏:‏ إذا ارتدت المرأة‏,‏ ثم ماتت في عدتها ورثها الزوج‏.‏

فصل‏:‏

إذا طلق المسلم المريض زوجته الأمة والذمية طلاقا بائنا ثم أسلمت الذمية‏,‏ وعتقت الأمة ثم مات في عدتهما لم ترثاه لأنه لم يكن عند الطلاق فارا وإن قال لهما في المرض‏:‏ إذا عتقت أنت أو أسلمت أنت‏,‏ فأنتما طالقتان فعتقت الأمة وأسلمت الذمية ومات‏,‏ ورثتاه لأنه فار فإن قال لهما‏:‏ أنتما طالقتان غدا فعتقت الأمة وأسلمت الذمية لم ترثاه لأنه غير فار وإن قال سيد الأمة‏:‏ أنت حرة غدا وقال الزوج‏:‏ أنت طالق غدا وهو يعلم بقول السيد ورثته لأنه فار وإن لم يعلم‏,‏ لم ترثه لعدم الفرار وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ولم أعلم لهم مخالفا‏.‏

فصل‏:‏

وإذا قال لامرأته في صحته‏:‏ إذا مرضت فأنت طالق فحكمه حكم طلاق المرض سواء فإن أقر في مرضه أنه كان طلقها في صحته ثلاثا لم يقبل إقراره عليها‏,‏ وكان حكمه حكم طلاقه في مرضه وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وقال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ يقبل إقراره ولنا أنه إقرار بما يبطل به حق غيره‏,‏ فلم يقبل كما لو أقر بمالها‏.‏

فصل‏:‏

وإن سألته الطلاق في مرضه فأجابها‏,‏ فقال القاضي‏:‏ فيه روايتان إحداهما لا ترثه لأنه ليس بفار والثانية ترثه لأنه طلقها في مرضه وهو قول مالك وكذلك الحكم إن خالعها‏,‏ أو علق الطلاق على مشيئتها فشاءت أو على فعل من جهتها لها منه بد ففعلته أو خيرها فاختارت نفسها والصحيح في هذا كله أنها لا ترثه لأنه لا فرار منه وهذا قول أبي حنيفة‏,‏ والشافعي وإن لم تعلم بتعليق طلاقها ففعلت ما علق عليه ورثته لأنها معذورة فيه ولو سألته طلقة‏,‏ فطلقها ثلاثا ورثته لأنه أبانها بما لم تطلبه منه وإن علق طلاقها على فعل لا بد لها منه كصلاة مكتوبة‏,‏ وصيام واجب في وقته ففعلته فحكمه حكم طلاقها ابتداء‏,‏ في قولهم جميعا وكذلك إن علقه على كلامها لأبويها أو لأحدهما وإن قال في مرضه أنت طالق إن قدم زيد ونحوه مما ليس من فعلها ولا فعله فوجد الشرط فطلقت به ورثته‏.‏

فصل‏:‏

فإن علق طلاقها في الصحة على شرط وجد في المرض‏,‏ كقدوم زيد ومجيء غد وصلاتها الفرض‏,‏ بانت ولم ترث لأن اليمين كانت في الصحة وذكر القاضي رواية أخرى أنها ترث وهو قول مالك لأن الطلاق وقع في المرض والأول أصح وإن علقه على فعل نفسه‏,‏ ففعله في المرض ورثته لأنه أوقع الطلاق بها في المرض فأشبه ما لو كان التعليق في المرض ولو قال في الصحة‏:‏ أنت طالق إن لم أضرب غلامى فلم يضربه حتى مات ورثته وإن ماتت‏,‏ لم يرثها وإن مات الغلام والزوج مريض طلقت وكان كتعليقه على مجيء زيد أيضا وكذلك إن قال‏:‏ إن لم أوفك مهرك فأنت طالق وإن ادعى الزوج أنه وفاها مهرها فأنكرته‏,‏ صدق الزوج في توريثه منها لأن الأصل بقاء النكاح ولم تصدق في براءته منه لأن الأصل بقاؤه في ذمته ولو قال لها في الصحة‏:‏ أنت طالق إن لم أتزوج عليك فكذلك نص عليه أحمد وهو قول الحسن ولو قذف المريض امرأته ثم لاعنها في مرض‏,‏ فبانت منه ثم مات في مرضه ورثته وإن ماتت لم يرثها وإن قذفها في صحته‏,‏ ولاعنها في مرضه ومات فيه لم ترثه نص عليه أحمد وهو قول الشافعي‏,‏ واللؤلؤى وذكر القاضي رواية أخرى أنها ترث وهو قول أبي يوسف وإن آلى منها في مرضه ثم صح‏,‏ ثم نكس في مرضه فبانت بالإيلاء لم ترثه‏.‏

فصل‏:‏

وإذا استكره الابن امرأة أبيه على ما ينفسخ به نكاحها‏,‏ من وطء أو غيره في مرض أبيه فمات أبوه من مرضه ذلك‏,‏ ورثته ولم يرثها إن ماتت وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه فإن طاوعته على ذلك لم ترث لأنها مشاركة فيما ينفسخ به نكاحها‏,‏ فأشبه ما لو خالعته وسواء كان للميت بنون سوى هذا الابن أو لم يكن فإذا انتفت التهمة عنه بأن يكون غير وارث‏,‏ كالكافر والقاتل والرقيق أو كان ابنا من الرضاعة أو ابن ابن محجوب بابن للميت‏,‏ أو بأبوين أو ابنين أو كان للميت امرأة أخرى تجوز ميراث الزوجات‏,‏ لم ترث لانتفاء التهمة ولو صار ابن الابن وارثا بعد ذلك لم يرث لانتفاء التهمة حال الوطء ولو كان حال الوطء وارثا فعاد محجوبا عن الميراث لورثت لوجود التهمة حين الوطء ولو كان للمريض امرأتان‏,‏ فاستكره ابنه إحداهما لم ترثه لانتفاء التهمة عنه لكون ميراثها لا يرجع إليه ولو استكره الثانية بعدها‏,‏ لورثت الثانية لأنه متهم في حقها ولو استكرههما معا دفعة واحدة‏,‏ ورثتا جميعا وهذا كله قول أبي حنيفة وأصحابه وأما الشافعي رضي الله عنه فإنه لا يرى فسخ النكاح بالوطء الحرام وكذلك الحكم فيما إذا وطئ المريض من ينفسخ نكاحه بوطئها كأم امرأته أو ابنتها فإن امرأته تبين منه‏,‏ وترثه إذا مات في مرضه ولا يرثها وسواء طاوعته الموطوءة أو أكرهها‏,‏ فإن مطاوعتها ليس للمرأة فيه فعل يسقط به ميراثها فإن كان زائل العقل حين الوطء لم ترث امرأته منه شيئا لأنه ليس قصد صحيح فلا يكون فارا من ميراثها وكذلك لو وطئ ابنه امرأته مستكرها لها وهو زائل العقل‏,‏ لم ترث لذلك فإن كان صبيا عاقلا ورثت لأن له قصدا صحيحا وقال أبو حنيفة‏:‏ هو كالمجنون لأن قوله لا عبرة به وكذلك الحكم فيما إذا وطئ ابنة امرأته أو أمها وللشافعي في وطء الصبى بنت امرأته أو أمها قولان أحدهما لا ينفسخ به نكاح امرأته لأنه لا يحرم والثاني‏,‏ أن امرأته تبين بذلك ولا ترثه ولا يرثها وفي القبلة والمباشرة دون الفرج روايتان إحداهما تنشر الحرمة وهو قول أبي حنيفة وأصحابه لأنها مباشرة تحرم في غير النكاح والملك فأشبهت الوطء والثانية‏,‏ لا تنشرها لأنها ليست بسبب للبعضية فلا تنشر الحرمة‏,‏ كالنظر والخلوة وخرج أصحابنا في النظر إلى الفرج والخلوة لشهوة وجها أنه ينشر الحرمة‏.‏

فصل‏:‏

وإن فعلت المريضة ما يفسخ نكاحها كرضاع امرأة صغيرة لزوجها أو رضاع زوجها الصغير‏,‏ أو ارتدت أو نحو ذلك فماتت في مرضها‏,‏ ورثها الزوج ولم ترثه وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ لا يرثها ولنا أنها أحد الزوجين فر من ميراث الآخر فأشبه الرجل وإن أعتقت‏,‏ فاختارت نفسها أو كان الزوج عنينا فأجل سنة ولم يصبها حتى مرضت في آخر الحول‏,‏ فاختارت فرقته وفرق بينهما لم يتوارثا في قولهم أجمعين ذكره ابن اللبان في ‏"‏ كتابه ‏"‏ وذكر القاضي في المعتقة إذا اختارت نفسها في مرضها‏,‏ لم يرثها وذلك لأن فسخ النكاح في هذين الموضعين لدفع الضرر لا للفرار من الميراث وإن قبلت ابن زوجها لشهوة خرج فيه وجهان أحدهما‏,‏ ينفسخ نكاحها ويرثها إذا كانت مريضة وماتت في عدتها وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه والثاني لا ينفسخ النكاح به وهو قول الشافعي رضي الله عنه ولو أن رجلا زوج ابنة أخيه وهي صغيرة‏,‏ ثم بلغت ففسخت النكاح في مرضها لم يرثها الزوج بغير خلاف نعلمه لأن النكاح من أصله غير صحيح في صحيح المذهب‏,‏ وهو قول الشافعي رضي الله عنه وروى عن أحمد ما يدل على صحته ولها الخيار وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه إلا أن الفسخ لإزالة الضرر لا من أجل الفرار‏,‏ فلم يرثها كما لو فسخت المعتقة نكاحها والله أعلم‏.‏

فصل‏:‏

إذا طلق المريض امرأته ثم نكح أخرى‏,‏ ومات من مرضه في عدة المطلقة ورثتاه جميعا هذا قول أبي حنيفة وأهل العراق وأحد قولي الشافعي رضي الله عنه والقول الآخر‏,‏ لا ترث المبتوتة فيكون الميراث كله للثانية وقال مالك الميراث كله للمطلقة لأن نكاح المريض عنده غير صحيح وجعل بعض أصحابنا فيها وجها أن الميراث كله للمطلقة لأنها ترث منه ما كانت ترث قبل طلاقها‏,‏ وهو جميع الميراث فكذلك بعده وليس هذا بصحيح فإنها إنما ترث ما كانت ترث لو لم يطلقها‏,‏ ولو لم يطلقها وتزوج عليها لم ترث إلا نصف ميراث الزوجات فكذلك إذا طلقها فعلى هذا لو تزوج ثلاثا في مرضه‏,‏ فليس للمطلقة إلا ربع ميراث الزوجات ولكل واحدة من الزوجات ربعه وإن مات بعد انقضاء عدة المطلقة فالميراث للزوجات‏,‏ في إحدى الروايتين وهو قول الشافعي رضي الله عنه وأبي حنيفة وأصحابه والرواية الأخرى أن الميراث للأربع وعند مالك الميراث كله للمطلقة وإن كان له أربع نسوة فطلق إحداهن ثلاثا في مرضه‏,‏ ثم نكح أخرى في عدة المطلقة أو طلق امرأة واحدة ونكح أختها في عدتها‏,‏ ومات في عدتها فالنكاح باطل والميراث بين المطلقة وباقى الزوجات الأوائل وهذا قول أبي حنيفة‏,‏ ومالك وقال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ النكاح صحيح والميراث للجديدة مع باقى المنكوحات دون المطلقة ويجيء على قوله القديم وجهان أحدهما أن يكون الميراث بين المطلقة وباقى الزوجات‏,‏ كقول الجمهور ولا شيء للمنكوحة والثاني أن يكون بينهن على خمسة‏,‏ لكل واحدة منهن خمسه فإن مات بعد انقضاء عدة المطلقة ففي ميراثها روايتان إحداهما لا ميراث لها‏,‏ فيكون الميراث لباقى الزوجات وهو قول أبي حنيفة وأهل العراق والثانية ترث معهن ولا شيء للمنكوحة وقال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ الميراث للمنكوحات كلهن ولا شيء للمطلقة وإن تزوج الخامسة بعد انقضاء عدة المطلقة‏,‏ صح نكاحها وهل ترث المطلقة‏؟‏ على روايتين إحداهما لا ترث وهو ظاهر كلام أحمد لأنه قال‏:‏ يلزم من قال‏:‏ يصح النكاح في العدة أن يرث ثمان نسوة وأن يرثه أختان‏,‏ فيكون مسلم يرثه ثمان نسوة أو أختان وتوريث المطلقات بعد العدة يلزم منه هذا أو حرمان الزوجات المنصوص على ميراثهن‏,‏ فيكون منكرا له غير قائل به فعلى هذا يكون الميراث للزوجات دون المطلقة والرواية الثانية ترث المطلقة فيخرج فيه وجهان أحدهما يكون الميراث بين الخمس والثاني‏,‏ يكون للمطلقة والمنكوحات الأوائل دون الجديدة لأن المريض ممنوع من أن يحرمهن ميراثهن بالطلاق فكذلك يمنع من تنقيصهن منه وكلا الوجهين بعيد أما أحدهما فيرده نص الكتاب على توريث الزوجات‏,‏ فلا يجوز مخالفته بغير نص ولا إجماع ولا قياس على صورة مخصوصة من النص في معناه وأما الآخر فلأن الله تعالى لم يبح نكاح أكثر من أربع ولا الجمع بين الأختين فلا يجوز أن يجتمعن في ميراثه بالزوجية وعلى هذا لو طلق أربعا في مرضه‏,‏ وانقضت عدتهن ونكح أربعا سواهن ثم مات من مرضه‏,‏ فعلى الأول ترثه المنكوحات دون المطلقات وعلى الثاني يكون فيه وجهان أحدهما أن الميراث كله للمطلقات وعلى الثاني هو بين الثمان وقال مالك‏:‏ الميراث للمطلقات ولا شيء للمنكوحات لأن نكاحهن غير صحيح عنده وإن صح من مرضه‏,‏ فتزوج أربعا في صحته ثم مات فالميراث لهن في قول الجمهور ولا شيء للمطلقات في قول مالك ومن وافقه وكذلك إن تزوجت المطلقات لم يرثن شيئا إلا في قوله وقول من وافقه ولو طلق أربعا بعد دخوله بهن ثلاثا في مرضه‏,‏ وقال‏:‏ قد أخبرنني بانقضاء عدتهن فكذبنه فله أن ينكح أربعا سواهن إذا كان ذلك في مدة يمكن انقضاء العدة فيها ولا يقبل قوله عليهن في حرمان الميراث وهذا قول أبي حنيفة‏,‏ وأبي يوسف واللؤلؤى إذا كان بعد أربعة أشهر وقال زفر‏:‏ لا يجوز له التزويج أيضا والأول أصح لأن هذا حكم فيما بينه وبين الله تعالى لا حق لهن فيه‏,‏ فقبل قوله فيه فعلى هذا إن تزوج أربعا في عقد واحد ثم مات ورثه المطلقات دون المنكوحات‏,‏ إلا أن يمتن قبله فيكون الميراث للمنكوحات وإن أقررن بانقضاء عدتهن وقلنا‏:‏ الميراث لهن بعد انقضاء العدة فالميراث للمنكوحات أيضا وإن مات منهن ثلاث‏,‏ فالميراث للباقية وإن مات منهن واحدة ومن المنكوحات واحدة أو اثنتان أو مات من المطلقات اثنتان‏,‏ ومن المنكوحات واحدة فالميراث لباقى المطلقات وإن مات من المطلقات واحدة ومن المنكوحات ثلاث أو من المطلقات اثنتان‏,‏ ومن المنكوحات اثنتان أو من المطلقات ثلاث ومن المنكوحات واحدة فالميراث بين البواقى من المطلقات والمنكوحات معا لأنه لو استأنف العقد على الباقيات من الجميع‏,‏ جاز فكان صحيحا وإن تزوج المنكوحات في أربعة عقود فمات من المطلقات واحدة ورثت مكانها الأولى من المنكوحات وإن مات اثنتان ورثت الأولى والثانية وإن مات ثلاث‏,‏ ورثت الأولى والثانية والثالثة من المنكوحات مع من بقي من المطلقات وهذا على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف واللؤلؤى وأما زفر فلا يرى صحة نكاح المنكوحات حتى يصدقه المطلقات وأما الشافعي رضي الله عنه فيباح عنده التزويج في عدة المطلقات فعلى قوله إذا طلق أربعا‏,‏ ونكح أربعا في عقد أو عقود ثم مات من مرضه فالميراث للمنكوحات وعلى قوله القديم يخرج فيه وجهان أحدهما‏,‏ أن الميراث بين الثمان والثاني أن الميراث للمطلقات دون المنكوحات فإن مات بعض المطلقات أو انقضت عدتهن فللمنكوحات ميراث الميتات وإن ماتت واحدة فللزوجات ربع ميراث النساء وإن ماتت اثنتان فللزوجات نصف الميراث فإن مات ثلاث‏,‏ فلهن ثلاثة أرباع الميراث إن كان نكاحهن في عقد واحد وإن كان في عقود متفرقة فإذا ماتت واحدة من المطلقات فميراثها للأولى من المنكوحات‏,‏ وميراث الثانية للثانية وميراث الثالثة للثالثة‏.‏

فصل‏:‏

إذا قال الرجل لنسائه‏:‏ إحداكن طالق يعني واحدة بعينها طلقت وحدها‏,‏ ويرجع إلى تعيينه ويؤخذ بنفقتهن كلهن إلى أن تعين وإن كان الطلاق بائنا منع منهن إلى أن يعين فإن قال‏:‏ أردت هذه طلقت وحدها وإن قال‏:‏ لم أرد هؤلاء الثلاث طلقت الرابعة وإن‏,‏ عاد فقال‏:‏ أخطأت إنما أردت هذه طلقت الأخرى وإن متن أو إحداهن قبل أن يبين رجع إلى قوله‏,‏ فمن أقر بطلاقها حرمناه ميراثها وأحلفناه لورثة من لم يعينها وهذا قول الشافعي رضي الله عنه وإن لم يعن بذلك واحدة بعينها‏,‏ أو مات قبل التعيين أخرجت بالقرعة وكذلك إن طلق واحدة من نسائه‏,‏ بعينها فأنسيها فمات‏,‏ أخرجت بالقرعة فمن تقع عليها القرعة فلا ميراث لها روى ذلك عن على رضي الله عنه وهو قول أبي ثور وروى عطاء عن ابن عباس‏,‏ أن رجلا سأله فقال‏:‏ إن لي ثلاث نسوة وإني طلقت إحداهن فبتت طلاقها فقال ابن عباس رضي الله عنه‏:‏ إن كنت نويت واحدة منهن بعينها ثم أنسيتها‏,‏ فقد اشتركن في الطلاق وإن لم تكن نويت واحدة بعينها فطلق أيتهن شئت وقال الشافعي رضي الله عنه وأهل العراق‏:‏ يرجع إلى تعيينه في المسائل كلها فإن وطئ إحداهن كان تعيينا لها بالنكاح‏,‏ في قول أهل العراق وبعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه وقال الشافعي‏:‏ لا يكون تعيينا فإن مات قبل أن يبين فالميراث بينهن كلهن في قول أهل العراق وقال مالك‏:‏ يطلقن كلهن‏,‏ ولا ميراث لهن وقال الشافعي‏:‏ رضي الله عنه يوقف ميراثهن وإن كان الطلاق قبل الدخول دفع إلى كل واحدة نصف مهر ووقف الباقي في مهورهن وقال داود‏:‏ يبطل حكم طلاقهن لموضع الجهالة‏,‏ ولكل واحدة مهر كامل والميراث بينهن وإن متن قبله طلقت الآخرة‏,‏ في قول أهل العراق وقال الشافعي‏:‏ رضي الله عنه يرجع إلى تعيينه على ما ذكرناه ولنا قول علي‏,‏ رضي الله عنه ولا يعارضه قول ابن عباس لأن ابن عباس يعترف لعلى بتقديم قوله فإنه قال‏:‏ إذا ثبت لنا عن على قول لم نعده إلى غيره وقال‏:‏ ما علمى إلى علم علي‏,‏ إلا كالقرارة إلى المثعنجر ولأنه إزالة ملك عن الآدمي فتستعمل فيه القرعة عند الاشتباه كالعتق وقد بينت ذلك في العتق بخبر عمران بن الحصين ولأن الحقوق تساوت على وجه تعذر تعيين المستحق فيه من غير قرعة‏,‏ فينبغي أن تستعمل فيه القرعة كالقسمة في السفر بين النساء فأما قسم الميراث بين الجميع‏,‏ ففيه دفع إلى إحداهن ما لا تستحقه وتنقيص بعضهن حقها يقينا والوقف إلى غير غاية تضييع لحقوقهن‏,‏ وحرمان الجميع منع الحق عن صاحبه يقينا ولو كان له امرأتان فطلق إحداهما ثم ماتت إحداهما‏,‏ ثم مات أقرع بينهما فمن وقعت عليها قرعة الطلاق لم يرثها إن كانت الميتة ولم ترثه إن كانت الأخرى وفي قول أهل العراق‏:‏ يرث الأولى‏,‏ ولا ترثه الأخرى وللشافعي قولان أحدهما يرجع إلى تعيين الوارث‏,‏ فإن قال‏:‏ طلق الميتة لم يرثها وورثته الحية وإن قال‏:‏ طلق الحية حلف على ذلك وأخذ ميراث الميتة‏,‏ ولم تورث الحية والقول الثاني يوقف من مال الميتة ميراث الزوج ومن مال الزوج ميراث الحية وإن كان له امرأتان قد دخل بإحداهما دون الأخرى‏,‏ وطلق إحداهما لا بعينها فمن خرجت لها القرعة فلها حكم الطلاق وللأخرى حكم الزوجية وقال أهل العراق‏:‏ للمدخول بها ثلاثة أرباع الميراث إن مات في عدتها‏,‏ وللأخرى ربعه لأن للمدخول بها نصفه بيقين والنصف الآخر يتداعيانه فيكون بينهما وفي قول الشافعي‏:‏ النصف للمدخول بها‏,‏ والثاني موقوف وإن كانتا مدخولا بهما فقال في مرضه‏:‏ أردت هذه ثم مات في عدتها لم يقبل قوله لأن الإقرار بالطلاق في المرض كالطلاق فيه وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال زفر‏:‏ يقبل قوله‏,‏ والميراث للأخرى وهو قياس قول الشافعي ولو كان للمريض امرأة أخرى سوى هاتين فلها نصف الميراث وللاثنتين نصفه وفي قول الشافعي نصفه موقوف‏.‏

فصل‏:‏

ولو كان أربع نسوة‏,‏ فطلق إحداهن غير معينة ثم نكح خامسة بعد انقضاء عدتها ثم مات ولم يبين‏,‏ فللخامسة ربع الميراث والمهر ويقرع بين الأربع وقال أهل العراق‏:‏ لهن ثلاثة أرباع الميراث بينهن وإن كن غير مدخول بهن فلهن ثلاثة مهور ونصف وفي قول الشافعي‏,‏ يوقف ثلاثة أرباع الميراث ومهر ونصف بين الأربع فإن جاءت واحدة تطلب ميراثها لم تعط شيئا وإن طلبه اثنتان دفع إليهما ربع الميراث‏,‏ وإن طلبه ثلاث دفع إليهن نصفه وإن طلبه الأربع دفع إليهن ولو قال بعد نكاح الخامسة‏:‏ إحداكن طالق فعلى قولهم للخامسة ربع الميراث لأنها شريكة ثلاث‏,‏ وباقيه بين الأربع كالأولى وللخامسة سبعة أثمان مهر لأن الطلاق نقصها وثلاثا معها نصف مهر ويبقى للأربع ثلاثة وثمن بينهن‏,‏ في قول أهل العراق فإن تزوج بعد ذلك سادسة فلها ربع الميراث ومهر كامل وللخامسة ربع ما بقي وسبعة أثمان مهر‏,‏ وللأربع ما بقي وثلاثة مهور وثمن ويكون الربع مقسوما على أربعة وستين فإن قال بعد ذلك‏:‏ إحداكن طالق لم يختلف الميراث ولكن تختلف المهور فللسادسة سبعة أثمان مهر‏,‏ وللخامسة خمسة وعشرون جزءا من اثنين وثلاثين من مهر ويبقى للأربع مهران وسبعة وعشرون جزءا من مهر وعند الشافعي يوقف ربع الميراث بين الست وربع آخر بين الخمس وباقيه بين الأربع‏,‏ ويوقف نصف مهر بين الست ونصف بين الخمس ونصف بين الأربع‏,‏ ويدفع إلى كل واحدة نصف‏.‏

باب الاشتراك في الطهر

إذا وطئ رجلان امرأة في طهر واحد وطئا يلحق النسب من مثله فأتت بولد يمكن أن يكون منهما‏:‏

مثل أن يطأ الشريكان جاريتهما المشتركة أو يطأ الإنسان جاريته ثم يبيعها قبل أن يستبرئها‏,‏ فيطؤها المشترى قبل استبرائها أو يطؤها رجلان بشبهة أو يطلق رجل امرأته فيتزوجها غيره في عدتها ويطأها أو يطأ إنسان جارية آخر أو امرأته بشبهة في الطهر الذي وطئها فيه سيدها أو زوجها ثم تأتى بولد يمكن أن يكون منهما‏,‏ فإنه يرى القافة معهما وهذا قول عطاء ومالك والليث‏,‏ والأوزاعي والشافعي وأبي ثور‏,‏ فإن ألحقته بأحدهما لحق به وإن نفته عن أحدهما‏,‏ لحق الآخر وسواء ادعياه أو لم يدعياه‏,‏ أو ادعاه أحدهما وأنكره الآخر وإن ألحقته القافة بهما لحقهما وكان ابنهما وهذا قول الأوزاعي‏,‏ والثوري وأبي ثور ورواه بعض أصحاب مالك عنه وقال مالك‏:‏ لا يرى ولد الحرة للقافة بل يكون لصاحب الفراش الصحيح دون الواطئ بشبهة وقال الشافعي‏:‏ لا يلحق بأكثر من واحد‏,‏ فإن ألحقته القافة بأكثر من واحد كان بمنزلة أن لا يوجد قافة ومتى لم يوجد قافة أو أشكل عليها‏,‏ أو اختلف القائفان في نسبه فقال أبو بكر‏:‏ يضيع نسبه ولا حكم لاختياره‏,‏ ويبقى على الجهالة أبدا وهو قول مالك وقال ابن حامد‏:‏ يترك حتى يبلغ فينتسب إلى أحدهما وهو قول الشافعي الجديد وقال في القديم‏:‏ يترك حتى يميز وذلك لسبع أو ثمان فينتسب إلى أحدهما‏,‏ ونفقته عليهما إلى أن ينتسب إلى أحدهما فيرجع الآخر عليه بما أنفق وإذا ادعى اللقيط‏,‏ اثنان أرى القافة معهما وإن مات الولد المدعى في هذه المواضع قبل أن يرى القافة وله ولد‏,‏ أرى ولده القافة مع المدعين ولو مات الرجلان أرى القافة مع عصبتهما وإن ادعاه أكثر من اثنين فألحقته القافة بهم لحق وقد نص أحمد على أنه يلحق بثلاثة‏,‏ ومقتضى هذا أن يلحق بهم وإن كثروا وقال القاضي‏:‏ لا يلحق بأكثر من ثلاثة وهو قول محمد بن الحسن وروى عن أبي يوسف وقال ابن حامد‏:‏ لا يلحق بأكثر من اثنين وروى أيضا عن أبي يوسف وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وشريك‏,‏ ويحيى بن آدم‏:‏ لا حكم للقافة بل إذا سبق أحدهما بالدعوى فهو ابنه فإن ادعياه معا‏,‏ فهو ابنهما وكذلك إن كثر الواطئون وادعوه معا فإنه يكون لهم جميعا وروى عن على رضي الله عنه أنه قضى في ذلك بالقرعة واليمين وبه قال ابن أبي ليلى وإسحاق وعن أحمد نحوه إذا عدمت القافة وقد ذكرنا أكثر هذه المسائل مشروحة مدلولا عليها في مواضعها‏,‏ والغرض ها هنا ذكر ميراث المدعى والتوريث منه وبيان مسائله‏.‏

مسألة‏:‏

إذا ألحق باثنين‏,‏ فمات وترك أمه حرة فلها الثلث‏,‏ والباقي لهما فإن كان لكل واحد منهما ابن سواه أو لأحدهما ابنان‏,‏ فلأمه السدس فإن مات أحد الأبوين وله ابن آخر فماله بينهما نصفين‏,‏ فإن مات الغلام بعد ذلك فلأمه السدس والباقي للباقى من أبويه‏,‏ ولا شيء لإخوته لأنهما محجوبان بالأب الباقي فإن كان الغلام ترك ابنا فللباقى من الأبوين السدس والباقي لابنه وإن مات قبل أبويه‏,‏ وترك ابنا فلهما جميعا السدس والباقي لابنه فإن كان لكل واحد منهما أبوان‏,‏ ثم مات الغلام وله جدة أم أم وابن فلأم أمه نصف السدس ولأمى المدعيين نصفه‏,‏ كأنهما جدة واحدة وللجدين السدس والباقي للابن‏,‏ فإن لم يكن ابن فللجدين الثلث لأنهما بمنزلة جد واحد والباقي للأخوين وعند أبي حنيفة‏,‏ الباقي كله للجدين لأن الجد يسقط الإخوة وإن كان المدعيان أخوين والمدعى جارية فماتا وخلفا أباهما‏,‏ فلهما من مال كل واحد نصفه والباقي للأب فإن مات الأب بعد ذلك فلها النصف لأنها بنت ابن وحكى الخبرى عن أحمد وزفر وابن أبي زائدة أن لها الثلثين لأنها بنت ابنته فلها ميراث بنتي ابن‏,‏ وإن كان المدعى ابنا فمات أبواه ولأحدهما بنت‏,‏ ثم مات أبوهما فميراثه بين الغلام والبنت على ثلاثة وعلى القول الآخر على خمسة لأن الغلام يضرب بنصيب ابني ابن وإن كان لكل واحد منهما بنت فللغلام من مال كل واحد منهما ثلثاه‏,‏ وله من مال جده نصفه وعلى القول الآخر له ثلثاه ولهما سدساه وإن كان المدعيان رجلا وعمة‏,‏ والمدعى جارية فماتا وخلفا أبويهما‏,‏ ثم مات أبو الأصغر فلها النصف والباقي لأبي العم لأنه أبوه وإذا مات أبو العم‏,‏ فلها النصف من ماله أيضا وعلى القول الآخر لها الثلثان لأنها بنت ابن وبنت ابن ابن وإن كان المدعى رجلا وابنه فمات الابن‏,‏ فلها نصف ماله وإذا مات الأب فلها النصف أيضا وعلى القول الآخر لها الثلثان وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا تداعى الأب وابنه قدم الأب ولم يكن للابن شيء وإن مات الأب أولا‏,‏ فماله بين ابنه وبينهما على ثلاثة ثم تأخذ نصف مال الأصغر لكونها بنته‏,‏ وباقيه لأنها أخته وفي كل ذلك إذا لم يثبت نسب المدعى وقف نصيبه‏,‏ ودفع إلى كل وارث اليقين ووقف الباقي حتى يثبت نسبه أو يصطلحوا فلو كان المدعون ثلاثة فمات أحدهم‏,‏ وترك ابنا وألفا ثم مات الثاني وترك ابنا وألفين‏,‏ ثم مات الثالث وترك ابنا وعشرين ألفا ثم مات الغلام‏,‏ وترك أربعة آلاف وأما حرة وقد ألحقته القافة بهم‏,‏ فقد ترك خمسة عشر ألفا وخمسمائة فلأمه سدسها والباقي بين إخوته الثلاثة أثلاثا وإن كان موتهم قبل ثبوت نسبه‏,‏ دفع إلى الأم ثلث تركته وهو ألف وخمسمائة لأن أدنى الأحوال أن يكون ابن صاحب الألف فيرث منه خمسمائة‏,‏ وقد كان وقف له من مال كل واحد من المدعين نصف ماله فيرد إلى ابن صاحب الألف وابن صاحب الألفين‏,‏ ما وقف من مال أبويهما لأنه إن لم يكن أخا لهما فذلك لهما من أبويهما وإن كان أخا أحدهما فهو يستحق ذلك وأكثر منه بإرثه منه‏,‏ ويرد على ابن الثالث تسعة آلاف وثلث ألف ويبقى ثلثا ألف موقوفة بينه وبين الأم لأنه يحتمل أن يكون أخاه فيكون قد مات عن أربعة عشر ألفا‏,‏ لأمه ثلثها ويبقى من مال الابن ألفان وخمسمائة موقوفة يدعيها ابن صاحب الألف كلها ويدعى منها ابن صاحب الألفين ألفين وثلثا‏,‏ فيكون ذلك موقوفا بينهما وبين الأم وسدس الألف بين الأم وابن صاحب الألف فإن ادعى أخوان ابنا ولهما أب‏,‏ فمات أحدهما وخلف بنتا ثم مات الآخر قبل ثبوت نسب المدعى وقف من مال الأول خمسة أتساعه‏,‏ منها تسعان بين الغلام والبنت وثلاثة أتساع بينه وبين الأب ويوقف من مال الثاني خمسة أسداس بينه وبين الأب فإن مات الأب بعدهما‏,‏ وخلف بنتا فلها نصف ماله ونصف ما ورثه عن ابنته‏,‏ والباقي بين الغلام وبنت الابن لأنه ابن ابنه بيقين ويدفع إلى كل واحد منهم من الموقوف اليقين ويوقف الباقي فتقدره مرة ابن صاحب البنت‏,‏ ومرة ابن الآخر وتنظر ماله من كل واحد منهم في الحالين فتعطيه أقلهما فللغلام في حال الموقوف من مال الثاني‏,‏ وخمس الموقوف من مال الأول وفي حال كل الموقوف من مال الأول وثلث الموقوف من الثاني‏,‏ فله أقلهما ولبنت الميت الأول في حال النصف من مال أبيها وفي حال السدس من مال عمها‏,‏ ولبنت الأب في حال نصف الموقوف من مال الثاني وفي حال ثلاثة أعشاره من مال الأول فتدفع إليها أقلهما‏,‏ ويبقى باقى التركة موقوفا بينهم حتى يصطلحوا عليه ومن الناس من يقسمه بينهم على حسب الدعاوى ومتى اختلف أجناس التركة ولم يصر بعضها قصاصا عن بعض قومت‏,‏ وعمل في قيمتها على ما بينا في الدراهم إن تراضوا على ذلك أو يبيع الحاكم عليهم ليصير الحق كله من جنس واحد لما فيه من الصلاح لهم‏,‏ ويوقف الفضل المشكوك فيه بينهم على الصلح ولو ادعى اثنان غلاما فألحقته القافة بهما ثم مات أحدهما‏,‏ وترك ألفا وبنتا وعما ثم مات الآخر وترك ألفين وابن ابن‏,‏ ثم مات الغلام وترك ثلاثة آلاف وأما كان للبنت من تركة أبيها ثلثها‏,‏ وللغلام ثلثاها وتركة الثاني كلها له لأنه ابنه فهو أحق من ابن الابن ثم مات الغلام عن خمسة آلاف وثلثى ألف‏,‏ فلأمه ثلث ذلك ولأخته نصفه‏,‏ وباقيه لابن الابن لأنه ابن أخيه ولا شيء للعم وإن لم يثبت نسبه فلابنة الأول ثلث الألف‏,‏ ويوقف ثلثاها وجميع تركة الثاني فإذا مات الغلام فلأمه من تركته ألف وتسعا ألف لأن أقل أحواله أن يكون ابن الأول فيكون قد مات عن ثلاثة آلاف وثلثى ألف‏,‏ ويرد الموقوف من مال أبي البنت على البنت والعم فيصطلحان عليه لأنه لهما إما عن صاحبهما أو الغلام‏,‏ ويرد الموقوف من مال الثاني إلى ابن ابنه لأنه له إما عن جده وإما عن عمه وتعطى الأم من تركة الغلام ألفا وتسعى ألف لأنه أقل مالها ويبقى ألف وسبعة أتساع ألف تدعى الأم منها أربعة أتساع ألف‏,‏ تمام ثلث خمسة آلاف ويدعى منها ابن الابن ألفا وثلثا تمام ثلثى خمسة آلاف‏,‏ وتدعى البنت والعم جميع الباقي فيكون ذلك موقوفا بينهم حتى يصطلحوا ولو كان المولود في يدي امرأتين فادعياه معا أرى القافة معهما‏,‏ فإن ألحقته بإحداهما لحق بها وورثها وورثته في إحدى الروايات وإن ألحقته بهما‏,‏ أو نفته عنهما لم يلحق بواحدة منهما وإن قامت لكل واحدة منهما بينة تعارضتا‏,‏ ولم تسمع بينتهما وبهذا قال أبو يوسف واللؤلؤى وقال أبو حنيفة‏:‏ يثبت نسبه منهما ويرثانه ميراث أم واحدة‏,‏ كما يلحق برجلين ولنا أن إحدى البنتين كاذبة يقينا فلم تسمع‏,‏ كما لو علمت ومن ضرورة ردها ردهما لعدم العلم بعينها ولأن هذا محال‏,‏ فلم يثبت ببينة ولا غيرها كما لو كان الولد أكبر منهما ولو أن امرأة معها صبي ادعاه رجلان‏,‏ كل واحد يزعم أنه ابنه منها وهي زوجته فكذبتهما‏,‏ لم يلحقهما وإن صدقت أحدهما لحقه‏,‏ كما لو كان بالغا فادعياه فصدق أحدهما ولو أن صبيا مع امرأة‏,‏ فقال زوجها‏:‏ هو ابني من غيرك فقالت‏:‏ بل هو ابني منك لحقهما جميعا‏.‏